أكد مُقرّر لجنة التشريع العام النائب، ظافر الصغيري، اليوم الإثنين 17 فيفري 2025، وجود مبادرة تشريعية جديدة متعلّقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمن به 5 آلاف دينار.
ووفق ما أوضحه الصغيري فإن المبادرة لن تُلغي حق المتضرّرين في المطالبة بمستحقاتهم، قائلا:" هذه المبادرة تأتي نظرًا لتراكم أعداد كبيرة من القضايا المتعلقة بهذه الشيكات التي بلغ عددها 400 ألف قضيّة خلال السنوات الأخيرة".
وأضاف المتحدث في تصريح أدلى به لإذاعة جوهرة أف أم:"يتم إصدار 24 مليون شيك سنويًّا في تونس، و0,5% منها تصل للمحاكم، أي بمعدّل 120 ألف قضيّة سنويًّا".
وتابع الصغيري أنه تمّ إلى حدّ الآن إطلاق سراح 90% من المساجين المتهمين في قضايا شيكات دون رصيد كما أنه يتم حاليًّا تسوية وضعية العدد المتبقي من هؤلاء السجناء، وفقه.
ويتم بمقتضى القانون عدد 41 الذي يجري العمل به حاليًّا، إدخال آلية الصلح بالوساطة التي يمنح من خلالها البنك للمتضرر فرصة للتسوية مع الطرف المقابل قبل اللجوء إلى القضاء، بالإضافة إلى تمديد فترة الإنذار من 3 إلى 7 أيام لتمكين من حلّ النزاعات المالية، وكذلك إمكانية رفع المتضرر دعوى قضائية بنفسه بدلا من أن يقوم البنك بذلك تلقائيًّا، وفق المصدر المذكور.
تفاصيل أكثر حول المبادرة التشريعية:
تضمنت المبادرة التشريعية الجديدة المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد التي أحالها مكتب مجلس نواب الشعب يوم الخميس 13 فيفري2025 على لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية مع طلب استعجال النظر ثلاثة فصول تهم أصحاب الشيكات التي لا يتجاوز مبلغها خمسة آلاف دينار فقط، وبالتالي فهي تختلف في مضامينها عن المبادرة الأولى التي تم إيداعها منذ 13 فيفري 2024 تحت نفس العنوان، حيث نصت في فصلها الأول على أن يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكا لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصة في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025.
في حين نص الفصل الثاني من هذه المبادرة التي تم تقديمها من قبل 45 نائبا في مقدمهم نزار الصديق على أن لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستقصاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها. وتبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة.
وحسب الفصل الثالث والأخير من مقترح القانون المذكور، يكلف وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
تفاصيل شرح الأسباب حول المبادرة:
وأشار أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مقترحهم يتعلق بالعفو العام عن العقوبة السجنية في جريمة إصدار شيك دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار، وهو يهدف إلى الحد من الآثار الجانبية لسوء استعمال الشيك قبل صدور القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، ويرمي بالأساس إلى إلغاء العقوبة السجنية عن الفئة الأكبر عددا المصدرة للشيك دون رصيد، وأكدوا أن الإحصائيات الرسمية تفيد أن الشيكات التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار تحتل النسبة الأكبر من حيث عدد القضايا وعدد المحكومين.
وفسر أصحاب مقترح القانون أن القانون عدد 41 سالف الذكر عالج مسألة الاستعمال الخاطئ للشيك كوسيلة للضمان عوضا عن استعماله في محلة بصفة قانونية وأن هذا الاستعمال الخاطئ أدى إلى بروز العديد من الآثار السلبية على المجتمع وذلك بتحويل آلاف المواطنين إلى محكومين بعقوبات سجنية من أجل جريمة إصدار شيك دون رصيد وترتب عن ذلك تفكك العائلات وسجن الأولياء والعصف بمستقبل الأبناء كما تم إثقال كاهل العدالة بآلاف القضايا وإثقال السجون بمئات المساجين فضلا عن الانعكاسات السلبية لهذا المشكل على الاقتصاد الوطني.
كما أشار النواب الذين تقدموا بمقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مقترحهم يتنزل في إطار إتمام عملية الإصلاح وفي إطار السعي للحد من الانعكاسات السلبية للاستعمال الخاطئ للشيك في السابق بإصدار عفو عام عن جريمة إصدار شيك دون رصيد في حدود مبلغ خمسة آلاف دينار. وفسروا سبب تحديد المبلغ بخمسة آلاف دينار بأن النسبة الأعلى للقضايا المنشورة أمام المحاكم والأحكام الصادرة في هذا المجال تعلقت بشيكات قيمتها في حدود هذا المبلغ. كما بينوا أن العفو من شأنه إعادة تأهيل النسبة الأهم من المعنيين بهذا الصنف من الجرائم والسماح لهم بإعادة الاندماج في الاقتصاد الوطني والعودة إلى سالف نشاطهم والسعي إلى خلاص الشيكات التي تعلقت بالديون المتخلدة بذمتهم لأن مقترح القانون يحافظ على الحقوق المدنية حتى يتولى أولي الحقوق القيام بإجراءات الاستخلاص المتاحة مدنيا، وبالتالي أوضح أصحاب المبادرة أن العفو لا يسلط إلا على الجانب الجزائي.
وإلى جانب وجود ضرورة اقتصادية واجتماعية ملحة لمراعاة تداعيات الاستعمالات الخاطئة للشيك وتداعيات الأزمات الاقتصادية تطرق أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب إلى العوامل الأخرى التي تبرر تقديمهم مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، وأشاروا في هذا السياق إلى 11 مبررا، نسرد لكم أهمهم:
المبرر الاول: يتمثل في عدم توحيد الإجراءات في المحاكم وفسروا أنه يوجد تبيان كبير في تطبيق الإجراءات بين مختلف المحاكم بما خلق حالة من عدم التناسق القانوني وأدى إلى التأخير في معالجة القضايا المتعلقة بإصدار شيكات دون رصيد، إضافة إلى ذلك فإن غياب معيار موحد لتعامل مع هذه القضايا من شأنه أن يزيد في الأعباء على الأطراف المعنية سواء كان الدائن أو المدين ويقتضي الأمر إيجاد حل جذري مثل العفو لتجاوز هذه التناقضات.
المبرر الثاني: رفض بعض المحاكم الالتزام بقانون سقوط العقوبة بمرور الزمن حيث تستمر الملاحقات رغم انقضاء المدة القانونية لسقوط العقوبة وهو انتهاك واضح لحقوق المدينين، وبينوا أن مقترح القانون يضمن معالجة هذه الثغرة ويعزز الالتزام بالقوانين المتعلقة بشرط التقادم مما يخفف من الضغوط على النظام القضائي.
المبرر الثالث: فهو في علاقة بالإجراءات الإدارة المعقدة وتأثيرها السلبي والبيروقراطية التي تعيق تنفيذ التسويات وتعرقل إمكانية استرجاع النشاط الاقتصادي من قبل الأفراد المعنيين بما فاقم أزمات المدينين، ويعتبر أصحاب المبادرة أن العفو العام قد يساهم في تبسيط هذه الإجراءات من خلال تقديم إطار قانوني موحد لإنهاء النزاعات الجزائية المتعلقة بالشيكات. وبالنسبة إلى المبرر الرابع لمقترح إصدار العفو فيتعلق بالأزمة الاقتصادية وتأثيرها على قدرة المدينين على سداد ديونهم في الوقت المناسب ويعزز العفو فرص التسوية السريعة ويعيد إدماج المدينين في الدورة الاقتصادية، أما المبرر الخامس الذي قدمه أصحاب المبادرة فهو في علاقة بدور العفو في تعزيز الثقة في القضاء على اعتبار أن عدم توحيد الإجراءات والاختلاف بين المحاكم في تطبيق القانون أضر بمصداقية القضاء ويساعد العفو حسب رأيهم في القيام بخطوة إصلاحية تظهر التزام النظام القضائي بتطبيق العدالة بشكل ناجع وشفاف.